مع قطر.. المشكلة أكبر من مصر!
ما أن قررت الدول الثلاث (السعودية والإمارات والبحرين) أن تسحب سفراءها من الدوحة، حتى هبّت الأقلام المنتقدة والمدافعة عن قطر والمتسائلة عن سبب هذا الخلاف. بالتأكيد أن الخلاف يعود إلى ممارسات دامت أكثر من خمس عشرة سنة، منذ أن بدأت الجارة «الشقيقة» تحاول القيام بأدوار أكبر من حجمها. من حق الدول أن تفعل ما تشاء، حتى لو قررت الدوحة الوساطة بين الصين وروسيا، وأوكرانيا والقرم، لكن ليس من حقها أن تتدخل في شؤون غيرها!
لكن المتابع للسياسة القطرية، يلحظ أنها قائمة على فعل الشيء ونقيضه! علاقات مع إسرائيل، وأخرى مع «حماس»! استضافة القاعدة الأميركية في العديد، وتبني خطاب «القاعدة» الإعلامي وبثه عبر «الجزيرة».. تبني «الإخوان المسلمين»، وفتح المنابر للقرضاوي لينتقد الإمارات والسعودية، وافتتاح جامع محمد بن عبدالوهاب، في محاولة للتشبث بالوهابية، لكنها ستكون وهابية إخوانية، وهي من عجائب الزمان القطري!
وبينما تؤيد قطر تنديداً من مجلس التعاون الخليجي بممارسات «حزب الله» في البحرين، تجدها تتبنى تهيئة المنابر لأقطاب المعارضة البحرينية التي تسعى لإسقاط حكم آل خليفة، خلافاً لتدريب بعضهم في «أكاديمية التغيير» وغيرها من جمعيات همّها استضافة المعارضين لدول الخليج الثلاث، بل بالإضافة للكويت وعُمان!
حين كانت السعودية تعمل في لبنان من خلال دعم الاستقرار وتثبيت حكم الأغلبية الفائزة في الانتخابات البرلمانية، كانت قطر تدعم الأطراف الأخرى، وعلى رأسها «حزب الله» الذي احتل بيروت في مايو 2008!
يحاول المدافعون عن قطر، تصوير المشكلة كخلاف بين الدول الثلاث وقطر على الوضع المصري، وهذا جزء من المشكلة، لكنه ليس لبها.
المشكلة أكبر من مصر، إنها أزمة سياسة داخل البيت القطري، حين تكون خاصرة الخليج مكشوفة بفعلٍ قطري بني على تحالف قوي بينها وبين «الإخوان»، فإن من حق دول الخليج أن تقلق. هناك دعم من قطر لجماعات انفصالية، وجماعات تستخدم العنف. ولقد بقي الإعلام القطري منتقداً لسيادة الإمارات حين ضربت بقوة الخلايا الإرهابية، ومارس الإعلام القطري وأتباعه ضرب السعودية عبر الأخبار والضيوف والبرامج، وادعى أن ما يجري في البحرين من ثورة ومحاولة لقلب نظام الحكم، لا يعدو كونه مطالبات حقوقية!
حين يكون هذا المنطق ضد الدول الشقيقة فماذا ستفعل قطر زيادةً على هذا ضد الدول العدوة؟!
كبّرت الدول الخليجية عقلها طوال عقدٍ ونصف، وكان الوسطاء يقومون دائماً برأب الصدع، لكن وبعد أن امتدت الممارسات لتمس سيادة الدول، فإن أسس الأمن القومي لأي دولة يحتم عليها مواجهة هذا الخطر بكل السبل المتاحة. وإذا كانت قطر على قناعة بأنها تستطيع الاستغناء عن دول تحيط بها جغرافياً وسوسيولوجياً وأمنياً واقتصادياً، فهذا وهم كبير ربما تكتشف زيفه بعد أن تنضج. فمجلس التعاون الخليجي أوجد بغرض أن لا تبتلع القوى الكبرى أي دولةٍ صغيرة كانت أم كبيرة.
كل ردود الفعل على الإساءات القطرية كانت حكيمة، لم ينطق مسؤول سعودي ضد قطر بكلمة رغم كل الممارسات، وبعد طول صمت تحدثت الإمارات بأسلوبٍ هادئ رزين حكيم، وحين تحدث الشيخ محمد بن زايد عن الهجوم الذي مارسه أحد الدعاة القطريين من أصل مصري، تحدث بأخوة و«عشم» في أن يكون ساسة قطر على قدر حسن الظنّ الذي يكنّه لهم.
لا أحد يتمنى الشر لقطر. أهلها أهلنا، وما يضرهم يضرنا، لكننا نجزم بأنهم لا يقبلون بالضرر لأهلهم في السعودية، والإمارات، والبحرين!